ما إن نزل فيلم «الديلر» إلى صالات العرض حتى فتح بطله أحمد السقا
النار عليه وتبرأ منه علناً، معتبراً أن مشاركته فيه غلطة ندم عليها. هنا
تبرز علامات استفهام كثيرة من بينها: ما الذي يدفع فناناً إلى فتح النار
على عمل قبله بإرادته؟ هل يحقّ له تشويهه وهو ما زال في صالات العرض؟ هل
يعدّ ذلك خطأ مهنياً أم إشارة إلى سوء الاختيار، أم نوعاً من الترويج
للفيلم؟
يستغرب مخرج الفيلم أحمد صالح تصريحات السقا، مشككاً في كونه أدلى بها
بهذا الشكل، لأن المشاهد المحذوفة والتي يزعم السقا أنها أفسدت الفيلم
ليست أكثر من مشهد ونصف المشهد، وهي لا تتسم بالأهمية ولا يؤثر حذفها على
الفيلم، خصوصاً أن السقا هو البطل، ومساحة دوره جيدة. وفي حال حذف بعض
المشاهد على المؤلف أن يكون أول المنتقدين لأنه كاتب السيناريو.
ينفي صالح ما يتردد من أن اعتراض السقا سببه زيادة مساحة دور خالد
النبوي، مشيراً إلى أن السقا هو البطل وبإمكانه اختيار الدور الذي يريده،
مبرراً إعجاب الجمهور بدور النبوي لأنه شاهده بشكل جديد وليس لأن دوره
أكبر.
يضيف صالح أن تبرؤ البطل من فيلمه يؤثر على الفيلم ويطيح بإيراداته،
لكن الأمر اختلف بالنسبة إلى «الديلر» لأن الجمهور أعجب به وأثنى عليه
النقاد.
حادثة غير مسبوقة
يوضح السيناريست مدحت العدل أن تبرؤ السقا من فيلمه حادثة غير مسبوقة
لأن أحداً لم يجبره على المشاركة فيه، وإذا كانت ثمة جوانب لا تعجبه فلا
يجب أن يهاجم الفيلم في توقيت عرضه كي لا يضرّ به، موضحاً أن الأضرار التي
تلحق بالفيلم في هذه الحالة ليست مادية إنما أدبية، بدليل أن «الديلر» حقق
لغاية اليوم 12 مليون جنيه وما زال مستمراً، ما يؤكد نجاحه.
بدوره، يؤكد الفنان سامي العدل (المنتج المشارك في الفيلم) أن «الديلر»
لم يتأثر بمثل هذه التصريحات لأن الجمهور يقبل على مشاهدة الفيلم الذي
يثير الجدل وأن الممثل ينتهي دوره بانتهاء التصوير وليس من حقه التدخل في
عمل المخرج، و{على من يتبرأ من عمله أن يعيد الأجر الذي تقاضاه».
خطأ مهني
يشير الناقد طارق الشناوي إلى أن ما ارتكبه السقا بشأن هذا الفيلم
يعتبر خطأ مهنياً من الدرجة الأولى، بصرف النظر عن كون الفيلم سيئاً أو
جيداً، لأنه هاجمه عمداً في بدايات عرضه.
يعزو الشناوي إقدام السقا على خطوته هذه إلى قرب عرض فيلمه «ابن
القنصل» الذي يرى فيه قيمة أدبية أكبر من «الديلر» الذي لم يرضَ عنه. في
هذا السياق، يرفض الشناوي وجهة النظر التي تؤكد أن التبرؤ من الفيلم سببه
الترويج له.
في المقابل، ترى الناقدة ماجدة موريس أن تبرؤ الفنان من فيلمه وسيلة
جذب لمشاهدة الفيلم الذي يتحدث عنه بطله بهذا الشكل، تقول: «الممنوع عندنا
مرغوب بدليل أن الأفلام التي يكتب عليها «للكبار فقط» يقبل عليها الناس
ولا يتوقف الصغار عن مشاهدتها».
تضيف موريس: «لا يجب أن يتبرأ النجم من أي عمل يقدمه لأنه يعتبر علامة
في تاريخه، لكن ما يحدث أن الفنان، عندما يجد أن نتيجة فيلمه النهائية
جاءت على عكس توقعاته، يسعى إلى التبرؤ منه قبل أن يهاجمه الناس بدل أن
يتعلم من تجربته ويتجنب أخطاءه في أعماله المقبلة، ثم ليس من حق الممثل
التدخل في عمل المخرج قائد العمل، لأن حذف بعض المشاهد قد يكون في صالح
الفيلم للحفاظ على إيقاعه وليس للإضرار به».
تجربة محمد السبكي
تعرّض المنتج محمد السبكي للأمر نفسه عندما تبرأت عبير صبري من فيلم
«نور عيني»، علماً أنه نفى ما تردد في الصحافة بشأن تبرؤها من الفيلم
مؤكداً أنها غضبت من حذف مشاهد لها.
يوضح السبكي في هذا المجال أنه ليس من حق الممثل التدخل في عمل المخرج
أو الاعتراض على حذف مشاهد له، يقول: «تبرؤ الفنان من فيلمه يؤثر إذا كان
البطل وليس مجرد فنان مشارك في دور ثان، فإذا تبرأت عبير صبري من الفيلم
لا يتأثر الجمهور ويستمر في الإقبال على مشاهدة البطلين تامر حسني ومنة
شلبي، لكن إذا تبرأ مثلاً تامر حسني من الفيلم وأدلى بتصريحات ضده ستنخفض
الإيرادات ويتوقف الجمهور عن مشاهدته لأنه يتأثر برأي النجم».
بدوره، تعرض فيلم «قاطع شحن» للمنتج سمير أمين للأمر نفسه عندما هاجمت
جيهان قمري الفيلم وتحدثت عنه بشكل سيئ واصفة إياه بأنه «فيلم كرتون»،
كذلك هاجمه الفنان شادي شامل. يرى أمين أن تبرؤ الفنان هنا لا يضر بالمنتج
إطلاقاً إنما بالفنان نفسه الذي يخسر علاقاته مع المنتج والمخرج.