( التفاخر ) .. سلوك يرفضه الإسلام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
خلق الله سبحانه وتعالى الناس مختلفين في كثير من الأمور
فكل له طباعه وأخلاقه وتصرفاته التي تختلف تجاه مجمل تفاصيل الحياة اليومية
كما أن البشر ليسوا متساوين في أنسابهم وأعراقهم وأوضاعهم المادية وامتداداتهم الأسرية
وهم كذلك ليسوا على نفس المستوى العلمي والتعليمي الذي يرفع بعضهم درجات عن بعضهم الآخر
ولله عز وجل حكمة في ذلك
ولكن هذا الاختلاف لا يعني بالتأكيد أفضلية لأحد على الآخرين
فليس الغني أفضل من الفقير
ولا ذو الحسب والنسب ارفع من ذي النشأة المتواضعة
لان كل ما يتمتع به المرء في حياته هو رزق من عند الله يهبه لمن يشاء من عباده
غير أن الأفضلية تأتي هنا
وحسب ما أمر به المولى عز وجل على أساس التقوى فقط
يقول تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” (الحجرات: 13)
الوضع الاجتماعي والأسري والمادي للإنسان قد يكون مصدر فخر بلا شك
لان هذا الوضع جاء عبر تراكم سنوات من الجهد والعمل والتفكير
بذلها الشخص بنفسه أو سبقه آباؤه وأجداده في ترسيخها
وبالتالي فهو محصلة عمل شريف يحبه الله ويأمرنا دوما به
غير أن هناك فرقاً كبيراً بين أن يمتلك الإنسان ثقة في نفسه
وأن يدعوه وضعه الاجتماعي إلى التفاخر والتكبر على الآخرين
حب التفاخر والتباهي بما يملك المرء هو آفة اجتماعية خطرة
تنسج خيوطها على بعض الناس فتجعلهم يتصرفون بطريقة قد تكون منافية للواقع تماما
وفيها الكثير من الادعاء
فهناك من يجيدون بشدة التحدث عن أنفسهم سواء حقيقة أو كذبا
وهم يتمادون في ذلك لينسجوا حول أنفسهم هالة أمام الآخرين
وفي تصورهم أن ذلك سيرفع من قدرهم في عيون الناس
وفي مقابل هذه النوعية من البشر
نجد أناساً يلفهم التواضع لله أولا وللناس ثانيا
وهم في الحقيقة يمتلكون الكثير مما يمكن التفاخر به
ولكنهم لا يعرفون إلا أن الله عز وجل هو من وهب ومنح وواجبهم هو الشكر
وقد يكون هذا الشكر متمثلا في تقوى الله في جميع تصرفاتهم
والإنفاق في سبيله
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة في التواضع
فكان عليه السلام وهو نبي الله يرقع ثوبه بنفسه
ويحلب شاته
ويجلس على الأرض
ويصافح الغني والفقير
وفي ذلك سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: “ما كان النبي يصنع في بيته؟
قالت: كان يكون في مهنة أهله يعني خدمة أهله
فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة”
إن المرء عندما يكون متواضعا بطبعه
لا يميل إلى التعالي والتكبر والتباهي بما يملك أمام الناس
كما أن هذا التواضع يثاب عليه ويعلي مرتبته عند الله
يقول عليه الصلاة والسلام: “إن الله أوحى إلي أن تواضعوا
حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغي احد على احد”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا
وما تواضع احد لله إلا رفعه الله”
حب التفاخر والتباهي داء تترتب عليه بلاشك عواقب وخيمة
ليس فقط على مستوى الشخص ولكن على مستوى المجتمع ككل
فنحن نرى أناساً يعيشون بيننا تدفعهم الرغبة في التعالي على من حولهم
والظهور بمظهر يتنافى مع حقيقة وضعهم المادي والاجتماعي
إلى ارتكاب جرائم في حق أنفسهم أولا قبل أن تكون في حق الغير
أمثال هؤلاء تجدهم يسعون إلى امتلاك أشياء قد تستنزف كل مواردهم المادية
بل إنهم يسعون إلى الاستدانة في سبيل حب الظهور بواجهة زائفة أمام المجتمع
ولنا في المبالغة في تكاليف حفلات الزواج في مجتمعاتنا العربية خير دليل على ذلك
وهناك قصص كثيرة عض أصحابها بنان الندم بعد انتهاء أيام الفرح
ووجدوا أنفسهم مطالبين بتسديد ديون أصبحت كالسيف المسلط على رقابهم
إن الله جميل يحب الجمال
وبالتالي لا غضاضة في أن نظهر بمظهر حسن
ولكن المبالغة في الأمور تفقدنا الكثير من القيم النبيلة
وتنحرف بنا عن تعاليم ديننا الحنيف