بسم الله الرحمن الرحيم
الــمــــــخــــــــــــــلاف الـسـلـيـمـانـــــــي.
كانت اسمها جيزان وبعدها سميت جازان بهذا الاسم رغم أن الأصل جازان وذلك لثبوته في المصادر المختلفه منذ زمن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، وتغير النطق بعد ذلك إلى ان أصبح جيزان وأستقر رسميا على جازان لأنه الأصل، وبها أثار يرجع تاريخها إلى 8000 قبل الميلاد. وهو الاسم الذي يطلق على البلاد التي مدينة جيزان قاعدتها الإدارية، وكانت قديماً تعرف بالمخلاف السليماني يقال نسبة سليمان بن طرف الحكمي الذي وحد ( مخلاف حكم) و(مخلاف عثر) تحت إمارته باسم (المخلاف السليماني) فرفعه طموحه إلى إنشاء تلك الإمارة حتى شملت ما أسماه بالمخلاف السليماني وظلت تلك التسمية تطلق على المنطقة الممتدة من (الشرجة) في ساحل الموسم جنوباً إلى بلاد (حلي بن يعقوب) شمالاً التابع حالياً لمنطقة القنفذة. وهناك رأي صائب بثبوته بأن التسميه بالمخلاف السليماني نسبة للشريف سليمان بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب كرم الله وجهة، كان من أوائل من رحل من مكة باتجاه الجنوب وسكن بالمنطقة ووحد اغلبها ورضى به أهلهاً حاكماً على شريعة الله وعدله وبخاصه وسط وشمال المنطقه وبذلك عرفت بالمخلاف السليماني وذلك قبل دولة الحكمي ب200 عاما تقريبا ثم عاد احفاده لحكم مكة فحكم ابن الطرف المنطقة ولذالك اختلط الامر في التسمية ثم عاد بعدها الكثير من احفاد الشريف سليمان تباعا للمنطقة فحكموها لمدة زمنية طويلة.
الدولة الادريسية قبل توحيد المملكة العربية السعودية/
قامت امارة الادارسه علي يد مؤسسها محمد بن علي الادريسي بتهامة عسير (المخلاف السليماني) على انقاض التراث الروحي الذي خلفه له جده احمد بن ادريس الذي كان قد انتقل من المغرب فكان من متصوفة المغرب من (فاس) الى مكه 1214 هـ و مكث بها نحو ثلاثين عاما ثم توجه الى بعض مريديه في تهامة.
طاب له المقام في مدينة صبيا سنة1245 هجري .
فقام بنشر طرقه الصوفية فيها حتى توفاه الله سنة 1253 هـ ، و قد ولد حفيدة مؤسس الدولة الادريسية محمد بن علي بن محمد بن احمد الادريسي سنة 1293 بصبيا
و نشأ في رعاية والده نشأة دينية ثم اتجه الى حفظ القران الكريم فحفظه عن ظهر قلب، ثم تعلم العلوم الشرعية و علوم اللغه العربية فتتلمذ على يد شيخه سالم بن عبدالرحمن باصهي بمدينة صبيا، ثم شد الرحال الى مصر فالتحق بالمسجد الازهر لمدة ست سنوات ، ثم عرج على مركز السنوسية في ليبيا في رحلة علمية، و منها
الى السودان ، ثم عاد الى صبيا محملا بالثقة و بحصيلة من الافكار في خضم الاوضاع المتوترة، فلم يكن الوضع في المخلاف السليماني باحسن حظ من غيره في بقية الولايات العثمانية المضطربه في ذلك الزمن، اذ كان الامن مفقود في تلك المنطقة، فكانت المنطقة تابعة لمتصرفة لواء عسير، فكانت تحركات الادريسي لا تخفى عن
الوالي التركي سليمان شفيق باشا، و بخاصة اتصالاته بالوجود الايطالي بمستعمرة اريتيريا عن طريق محمد علي علوي مترجم السفارة الايطالية بالقاهرة.
فعلم السلطان العثماني عن طريق سليمان باشا عن امر الادريسي و تحركاته المريبه، فارسلت تركيا بعثة استكشافية لرصد تحركاته ووصلت البعثة الى جازان
بيد ان الادريسي استطاع بذكائه و حنكته ان يؤثر على الوفد قائلا ان تحركاته من اجل العثمانيين.
فيعينوه بترتبة قائم مقام ، ثم ازدادت سمعته و قويت شوكته ، و صارت سمعته الى القبائل الضاربة في المنطقة فازداد بها قوة و صلابه، و دعا القبائل لمحاصرة
ابها، و ابعاد الجنود منها و من ضمنهم سليمان باشا، لولا ان امير مكه الشريف حسين، زحف من الحجاز و فك الحصار عن ابها عام 1328هجري بعد ان بقيت
ابها محاصرة لعشرة اشهر.
و توالت الظروف لصالح الادريسي ، فقد عقد معاهدة مع بريطانيا عام 1333 هجري و بموجبها اعترفت بسيادته على تهامه من اللحية جنوبا الى القنفذه شمالا
و تعهدت بحمايته، و عندما انتهت الحرب العالمية الاولى تنازلت للادريسي عن الحديدة.
و بهذه السياسة المرنة اصبح مسيطرا على على الارض التي ملكها بما فيها من موانىء و مدن و اودية، و ما يضاف اليها من جبال السراة المطلة على تهامه
توفي سنة 1341 هجري بعد ان عقد حلفا مع الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه و رحمه)، لما يراه من توقع من حدوث شقاق بين أسرته من بعده.
و خلفه في الحكم ابنه الاكبر، و كان عمره انذاك سبعة عشر سنة، و لم يمض وقت حتى بدا عمه الحسن و بعض افراد الاسره و قال بعدم توفر شروط الامامه فيه.
و كانت تدخلات كبار الدولة في التدخل كفيلة بان يتدخل الامام حميد الدين اما اليمن انذاك الذي استولى على الحديده ، بدات بعض المدن بالسقوط ، و انتهى نزاع الادارسة باستيلاء الحسن على السلطه، و نظر الحسن في امور دولته فاذا معظمها -اقتصاديا- قد استولى عليها امام اليمن، فراى من الافضل الحفاظ على ما بقي من البلاد تفاديا من زحف امام اليمن، فلم يجد بدا من السعي للحصول على حماية الملك عبدالعزيز.
فارسل وفدا الى الملك عبدالعزيز بقيادة احمد السنوسي، و عقدت بين الطرفين اتفاقية عرفت بمعاهدة مكه المكرمه، ابرمت في 14 ربيع الاخر عام 1345 هجري.
كان من اهمها ان الامور الداخلية داخل المنطقة للادريسي و ان الامور الخارجية للملك عبدالعزيز، و الذي تعهد -حسب ما نصت عليه المعاهدة- بالدفاع عن المقاطعة
ضد اي عدوان داخلي او خارجي.
و ارسل الملك عبدالعزيز مندوبا من قبله لمساعدة الحسن الادريسي ادارة البلاد، و ظلت العلاقات بين الطرفين طيبة، و في سنة 1349هـ /1930م اسند الحسن الادريسي ادارة البلاد الى الملك عبدالعزيز، و بهذا تم توحيد منطقة جازان (المخلاف السليماني) عمليا مع بقية مناطق المملكة العربية السعودية.