أهب من نومى مذعوراً على صوت أختى تخبرنى بأن أبى لم يصل بعد من
زيارة أمى فى المستشفى..
أغضب منها و أخبرها بأنه جالس لــ يطمأن عليها
مازالت أختى بى حتى قمت من نومى و ذهبت متذمراً
ذهبت إلى المستشفى لأرى ما حدث فوجدت أمى فى آخر لحظات حياتها
لم أكن أدرك أنها كانت فى آخر الحياه أو ربما أدركت ولم اصدق..
حملتها لأريحها على فراشها
الجو مضطرب
ضوضاء
أمى تنظر إلى نظرات تائهه
سألتها أتسمعينى يا أمى..؟!
أشارت إلى بعينها بالإجابه
لم يكن هناك داعى لوجودى بجانب الأطباء و هم يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه
فأخرجونى
أقف الأن فى الخارج
يفصل بينى و بينها جدار
ترتبط أذنى بصوت جهاز القلب
و يمر الوقت بطيئا ثقيلاً و لا أسمع لأمى صوتاً و فى لحظه خرج صوت من الحجره
صوت بارد
صافره طويله
أخر صوت أتوقع سماعه من الغرفه
خرج صوت جهاز القلب ينعى إلى امى
بصوته البارد الجامد
صافره طويله تقول
ماتت أمك
ماتت أمك
ماتت أمك
ماتت من حملتك
ماتت من أرضعتك
ماتت من سهرت الليالى بجوارك
ماتت ماتت ماتت
أوهمت نفسى أنه جهاز أخر أو أن الجهاز به عطل
خرج الطبيب
قال كلمه لطالما رددتها أنا و لم أدرك يوما معناها
قال البقاء لله
لم ادري ما العمل
أأصرخ ..؟!
أأبكى ..؟!
رجعت بأمى جثه هامده لا حياة بها إلى البيت
أرقدتها على سريرها
قبلت يديها
كانت أول مره فى حياتى أقبل فيها يد أمى
ولم أصدق بعد أنها ماتت
يدها الدافئه التى طالما غمرتنى بالحنان و الرعايه الأن بارده كالثلج
وا أماه
يمر شريط حياتى أمام عينى
و إذ بى أرى كل عصيان عصيته لأمى
كل دمعه جعلت أمى تبكيها غضبا منى
أكاد أقسم إنى شعرت بالموت ألف مره
ماتت أمى و لم أوفها حقها
ماتت و لم أعتذر لها عما بدر منى
ماتت أمى
تم الغسل
و التكفين
صلينا صلاه الجنازه
حملت أمى على عنقى
كم تمنيت أن أحملها على عنقى فى حياتها
كم تمنيت أن أحمل عنها بعض عبئها فى حياتها
لكن الحياه قصيره
قصيره
أقصر مما تتصورون
حملت أمى على عنقى حتى وصلت إلى المقبره
أدخلت أمى بيدى فى قبرها
كشفت عن وجهها الكفن
مرت أناملى على شفتيها التى طالما قبلتنى صغيرا و كبيرا
مرت يدى على ملامحها و أساريرها التى لطالما تهللت لفرحى
و تقطبت لحزنى أو لمرضي
و إذ بى كأنى أسمع مناد من السماء ينادى
يا ابن ادم
ماتت من كنا نكرمك لأجلها
ماتت أمى و لم أوفها حقها و لو بزفره واحده
يتم إغلاق القبر
أود أن أتوسل للناس أن يتمهلوا
أريد أن أنظر إليها
أريد أن أقبلها
أريد أن أبكى بين يديها
و لكن لا فائده
تم إغلاق القبر
و حيل بينى و بين أمى للأبد
وداعا أمى
يا من أمه و أبوه على قيد الحياه
أقسم بالله الذى لا إله إلا هو أن أعظم نعمه بعد الإسلام هى أمك
أمك ثم أمك ثم أمك
إغتنم الفرصه
قبل يد أمك حيه قبل أن تقبلها ميته
قبلها و هى دافئه قبل أن تقبلها و هى بارده كالثلج
أحمل أمك حيه قبل أن تحملها ميته
أجلس معها قدر ما إستطعت قبل أن تتمنى الموت حتى لا تخرج من
قبرها و تدفن معها
إغتنم الفرص
إغتنم الفرص فالعمر أقصر مما تتخيل
و سيأتى يوم و تكون مثلى
و تقول
مــــــاتت أمى
أسألكم الدعاء لأمى
و لا تحرموها الثواب
فإنها الآن رساله لكم
موتها رساله لكم
رساله تقول لكل غافل العمر قصير
قصير
قصير
الموت قادم لا ريب
لذا أسالكم أن تهبو لها و لو ثواب أيه من القرآن
أو دعوه فى الصلاه
رجاء أعينونى على قضاء دينى لأمى
حتى تجدوا من يعينكم على قضاء ديونكم لأمهاتكم و أبائكم
معذره فقد أطلت عليكم