مسألة طلب الدعاء من الغير " للشيخ محمد العريفي "

من برنامج " مع الناس" للشيخ محمد العريفي

السائل/ أنا في كرب يا شيخ وأرجوا أن تدعوا الله لي

***
مسألة طلب الدعاء عموماً من الناس، كرهها عددٌ من أهل العلم وقالوا الأصل أن الإنسان إذا
أراد أن يدعوا الله أو أراد حاجةً، أو نزلت به فاقه أو مصيبة، فإن الأصل أن يُنزلها بالله جل وعلا،
وأن يدعوا الله تعالى أن يكشفها عنه ، وأن لا يذهب إلى الناس ويطلب منهم الدعاء ،
الله سبحانه وتعالى يقول( وقال ربكم ادعوني استجب لكم)

(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وقال جل وعلا (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم)
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )

الآيات في ذلك كثيرة التي تبين أن ربنا جل في علاه يستجيب دعاء الداعي، لذلك جعل الله
سبحانه وتعالى هذا الدعاء سنة لنبيه عليه الصلاة والسلام وللناس من بعده وجعل الدعاء
هو العبادة، لذلك لا يُشرع للإنسان كل ما وقعت له كربة أو مصيبة أن يذهب إلى الآخرين

ممن يرجوا فيهم شيئاً من الصلاح فيقول يا فلان ادعُ لي، فهذا في دعاءه لك ولجوءه
إلى رب العالمين، وشدة حاجته إلى إجابة الدعاء لن يكون مثل مشاعرك، بمعنى أنت عندما
يكون ولدك مريض وتدعوا الله تعالى بلا شك أنه سيقع في قلبك من الرغبة وشدة اللجأ،
وشدة الحاجة ، والافتقار إلى رب العالمين ، ما لا يقع عند الرجل الآخر الذي تقول له ولدي
مريض ادعوا الله له بالشفاء، بلا شك أن المفتقر الذي واقع في الكربة هو أحوج، ويكون أكثر
إجابةً من غيره فينبغي أولاً أن الإنسان إذا نزلت به الحاجة أن يدعوا الله تعالى مباشرة،

مسألة ادعُ لي لا بأس بها وجاء في بعض الأحاديث وإن كان الحديث فيه ضعف أن النبي
عليه الصلاة والسلام لما أراد عمر أن يعتمر مرةً، قال له النبي عليه الصلاة والسلام
( لا تنسنا يا أُخَيّ من صالح دعائك) وإن كان الحديث ضعيفاً ولكن بعض أهل العلم يصححه ،

ويستدلون به على جواز أن يطلب المرء من الآخر أن يدعوا له، لكن الأصل أنك تدعوا لنفسك
فأنا سأدعو له إن شاء الله، أسال الله أن يكشف ما به وأن يكشف جميع كرباتنا ومصائبنا،
وأن يُبدل سوءنا حُسنا، ولكنني أعني أيضاً أن انطراح الإنسان بين يدي الله حتى لو كان عنده
معصية فبدعائه إلى الله سبحانه وتعالى ربما استجاب الله عز وجل له وكان هذا الدعاء
طريقاً له إلى التوبة منها،

إذا كان جبريل عليه السلام في صحيح البخاري يقول لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم
(أما لو رأيتني يا محمد وأنا آخذ من طين البحر وأضعه في فم فرعون مخافة أن تدركه الرحمة )
فإذا كن جبريل لسعة علمه برحمة الله تعالى وسعة كرمه وفضله وإحسانه عز وجل،
وقع في نفس جبريل أن الله سبحانه وتعالى قد يستجيب لفرعون، فما بالك بالمسلم الذي لم يقع
في شرك، ولم يسجد لقبر ، ولم يطف عليه، ولم يذبح له، ولم يحلف بغير الله، مسلم ولكن
ربما وقع في أنواع من المعاصي، يبقى أنه من المسلمين لذلك دعائك بينك وبين الله أولى.

ذكروا أن موسى عليه السلام، كان هناك رجلاً من قومه يؤذيه بأنواع من الأذى و موسى يحاول
أن ينصحه وأن يكف عنه شره وذاك الرجل يزداد سوءاً وشراً فاشتكى موسى إلى الله تعالى قال
(ياربِ إن فلان فعل كذا وكذا فيارب خلصني منه ) فأوحى الله تعالى إلى موسى قال له

( يا موسى قد جعلت عقابه إليك ) أي أنت تريد به عقوبة معينه فلك ذلك ، فرآه موسى عليه السلام
في وسط الطريق يوماً فأقبل ذلك الرجل كعادته يسب موسى عليه السلام ويتنقصه فغضب موسى
عليه السلام فقال يا أرض خذيه ، قالوا فانشقت الأرض فدخل الرجل إلى ركبتيه فصاح قال:

يا موسى تبت، يا موسى أغثني، فقال موسى: يا أرض خذيه، فانشقت الأرض ودخل إلى حقويه
"حوظه" فلا زال يستغيث يا موسى تبت، وموسى عليه السلام لا يستجيب له حتى بلعته الأرض
كله، فأوحى الله تعالى إلى موسى ، قال يا موسى: ما أقسى قلبك ،
وعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته .

وهذه القصة ذكرها الإمام ابن أبي الدنيا في كتابه مستجابي الدعوة وهي بلا شك من الإسرائيليات،
وكما قال عليه الصلاة والسلام( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فالإنسان يُحدث بها ولا يعلم
هل هي ثبتت أم لم تثبت لكنها تدل أيضاً على عِظم رحمة الله تعالى وعلى فضله وعلى كرمه عز وجل .

الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم ذهب إلى رجل عابد وقال إني قتلت تسعاً وتسعين نفساً
هل لي من توبة؟ فتعاظم ذلك وقال لا ليس لك توبة، فغضب وقتله فأكمل به المائة، ثم مضى
ثم حدثته نفسه أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدلوه على رجل عالم ، فذهب إلى ذلك
العالم وقال إني قد قتلت مائة نفس هل لي من توبة؟

قال: سبحان الله ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ لكن أنت في ارض سوء، "كيف عرف أنه
في أرض سوء " بما أنه استطاع أن يقتل مائة نفس معناه أنه في أرض منتشر فيها الخراب
والظلم وبالتالي أنت تقتل دون أن يمنعك أحد من ذلك.

قال: أنت في أرض سوء ، اذهب إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها قوماً يعبدون الله تعالى فاعبد
الله تعالى معهم ، فمضى ذلك الرجل إلى تلك الأرض التي يريد أن يتوب فيها، فلما كان في وسط الطريق
مات ونزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى قضى الله به على ملائكة الرحمة ودخل في الذين
غفر الله لهم ، ودل هذا أننا نتعامل مع رب رحيم كريم جل وعلا.

فأنت مهما عظمت ذنوبك ، ومهما كبّرها الشيطان عندك انتبه لا يحول الشيطان بينك وبين الاستغفار ،
يقول الله تعالى في الحديث القدسي (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان
منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك
بقرابها مغفرة، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي )

فدل هذا على أنك تتعامل مع رب كريم ، انتبه لا يحول الشيطان بينك وبين دعاء الله سبحانه
وتعالى، بالعكس ادع الله تعالى وانطرح بين يديه واسأل الله الرحمة والمغفرة و والتجاوز عنك ،
وانتبه لا تكن ممن يزعمون أن ذنبهم يحول بينهم وبين استجابة دعائهم، وبالتالي يذهب
إلى من يقول له ادعُ لي ، وربما ذهب أحياناً إلى بعض سدنة القبور ، أو إلى نحوهم
من القائمين على الأضرحة وبدأ يعطيهم مالاً، أو يذبح عند القبر وكذا ويقول ادعوا لي.

بل أنزل حاجتك بالله تعالى (وقال ربكم ادعوني استجب لكم )
فالأصل أنك تُنزل حاجتك بالله تعالى وهو سبحانه يستجيب لمن يشاء وهو كريم جل وعلا.

"الشيخ محمد العريفي

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ .

مشكوووووووووووووور

شكراً لك وواصل تميزك

لاشكر على واجب

مجهود رائع و رد اروع

شكرا لك

» حصرياً سلسلة عذاب القبر للشيخ عمرو خالد
» اوقات يستجاب فيها الدعاء..
» أول مقال للشيخ أحمد فريد بعد خروجه (رائع) "كم فى البلية من عطية خفية"
» السيرة الذاتيه ل محمد زيدان
» محمد سعد نجم الكوميديا الاول فى مصر يعود وبقوه من جديد